
بقلم: أحمد الشرعي
هناك لحظات تتجاوز فيها الكلمات حدود البيان العابر لتصبح واجباً، بل قَسَماً. وما نعيشه اليوم هو من تلك اللحظات الفاصلة. أكتب لا لأُدين ولا لأُقسّم، بل لأُناشد. أناشد شبابنا ألا يضلّوا الطريق، وأُناشد أمتنا أن تحافظ على تماسكها في وجه المحنة.
أنتم يا أبناء المغرب، جيلٌ وُلد في فضاء شبكات التواصل وتشكّل في رحم العالم الرقمي، إن قوّتكم تكمن في وضوح الفكر وقوة الكلمة. أما الشارع، فقد انزلق – ويا للأسف – إلى مشهد الخراب: مصارف مدمَّرة، سيارات محروقة، محال منهوبة، وصيدليات محطمة. إن هذا ليس مشهداً لشعب يتحرك نحو المستقبل، بل صورة لوطن ينزف. فلا يُبنى الرجاء من الركام، بل من المنابر التي تليق بكم، حيث الكلمة الحرة والجدال النبيل.
ولمن اختار منكم طريق التخريب ومواجهة السلطات بلا معنى، أقولها بصراحة و صرامة: أنتم على خطأ. فلا قضية، مهما سمت، تُبرر الفوضى والتدمير. أن تهدموا هو أن تُهينوا ذكرى آبائكم، وأن تُدنّسوا تعب أمهاتكم، وأن تحتقروا تضحيات أجيالٍ تعاقبت لتشييد هذا البلد.
لكن الأخطر من ذلك أولئك الذين يُحرّضون من وراء الستار. نعم، إنهم موجودون: تجار الغضب، سماسرة الفتنة، أعداء الوطن المتخفون. يزعمون الدفاع عن الشباب، وهم في الحقيقة لا يعرفون إلا مصالحهم، ولا يعبدون إلا ذواتهم. هؤلاء لا قلب لهم على المغرب ولا على أبنائه. ومصيرهم محتوم: مزبلة التاريخ. فسيأتي اليوم الذي سيكشفهم فيه المغاربة، ويُعرّون وجوههم الحقيقية، ويطردونهم إلى الهامش، حيث لا مكان إلا للعار والخيانة. وحينها سيدفعون ثمن خيانتهم.
أمام هذا الاضطراب، يتحمّل الحكومة الحالية مسؤولية جسيمة. الإصغاء، التهدئة، العمل: هذا هو المثلث الواجب. لا بوعود فضفاضة، بل بخطوات قوية، وإصلاحات ملموسة، وخطة عاجلة تعيد الثقة وتفتح أمام شبابنا أبواب الأمل.
وأنتم، الأحزاب السياسية، أين أنتم؟ كنتم المفترض أن تكونوا الجسر الطبيعي بين الدولة وشبابها. لكن صمتكم يصمّ الآذان. صمتكم ليس حكمة، بل جبن. إن لم تستعيدوا دوركم، فالتاريخ سيسجل أنكم خذلتم جيلكم وتركتم أبناء الوطن نهباً للفوضى ومكائد المضلّلين.
إن المغرب، وطننا، قد يتعثر لكنه لن ينحني. سيبقى واقفاً، لأنه يستمد روحه من شبابه، من طاقته، من آماله. على شبابنا أن يحوّلوا الغضب إلى طموح، والقلق إلى رجاء، والعجلة إلى إبداع. وعلى الجميع أن يمدّ لهم اليد حتى يُشيّدوا المستقبل، لا على الرماد، بل على نور الرجاء المتجدد.
(عن موقع: أحداث انفو)