ملاعبنا تقتل…

بقلم: خالد أشيبان

الزمن: السبت 14 ابريل 2012

المكان: المركب الرياضي محمد الخامس بالدار البيضاء.

الحدث: مباراة في كرة القدم برسم البطولة الوطنية للمحترفين بين فريقي الوداد البيضاوي والجيش الملكي.

النتيجة: وفاة حمزة البقالي مشجع فريق الوداد البيضاوي.

تصريحات عائلة الضحية: الضحية تم إهماله بالمستشفى بعد إصابته بالملعب في أحداث شغب.

بيان وزارة الصحة: الضحية لم يتقدم لاستكمال الفحوصات الطبية بمستشفى 20 غشت.

تصريح وزير العدل: عائلة الضحية لا تملك دليلاً على أقوالها.

قرار جامعة الكرة : فريق الوداد سيلعب أربع مباريات بملعبه دون جمهور.

المسؤول عن الوفاة: مجهول

وانتهت الحكاية وكأن شيئاً لم يحدث !!! مواطن مغربي انتقل من مدينة مكناس إلى مركب محمد الخامس بالبيضاء لتشجيع فريقه المفضل، فكان مصيره الموت بعد إصابته داخل الملعب وإهماله داخل المستشفى (حسب تصريحات عائلته). ثم بعد ذلك يتم طي ملف القضية دون تحديد أي مسؤول عن الواقعة وكأن المعني بالأمر اختار الموت ويتحمل مسؤولية اختياره، أو أن الأمر يتعلق بحالة موت عادية جداً.

لم نرى أي مسؤول يحال على التحقيق أو يستقيل بعد الحادثة، لم نرى وزير العدل ينتفض ليقتص لمواطن مغربي شاب قتل غدراً، لم نسمع عن البرلمان يطالب بإقالة المسؤولين عن التسيب الذي حدث ومحاسبتهم. لم نسمع إدارة فريق الوداد تحمل المسؤولية لطرف معين أو تتحمل مسؤولياتها، وكأن الأمر لا يتعلق بمشجع مخلص للفريق الأحمر تحمل عناء السفر ومصاريفه ليعود بعد اللقاء إلى بيته جثةً هامدةً. من يتحمل المسؤولية إذاً ؟

لا أظن أن دم المغاربة أصبح رخيصاً إلى هذا الحد !! يجب أن يتحمل الجميع مسؤولياته، فأجهزة الأمن مسؤولة عن ضمان أمن المواطنين، وإدارة الفريق مسؤولة عن تأطير المشجعين، والمستشفيات ملزمة بتقديم العلاج دون قيدٍ أو شرط لكل مواطن هو في حاجة للعلاج، ووزارة العدل والقضاء مهمتهما تحديد المسؤوليات ومحاسبة المتهمين وإنصاف عائلات الضحايا، و البرلمان هو الممثل الشرعي للشعب و من الواجب عليه تتبع القضية حتى يتأكد من تحقق العدالة و إعطاء كل ذي حقٍ حقه.

هذه هي دولة الحق والقانون التي نطمح إليها وهذا هو مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة التي جاء به الدستور الجديد، والهدف الأسمى هو حفظ كرامة المواطنين أحياءً أو بعد مماتهم. نريد أن يحس المغاربة بالأمن داخل بلادهم في كل مكان وزمان، وأن يشعروا بدور فعال للحكومة في ضمان حقوقهم وأن يلمسوا دور ممثليهم في البرلمان في حمايتهم وصون كرامتهم والتحدث باسمهم بكل مصداقية وشجاعة.

لا نريد أن يتحمل المشجعون وحدهم مسؤولية ما حدث لأنهم أبنائنا، وكلنا نتحمل مسؤولية ما يقترفه أبنائنا. فهم ليسوا سوى ثمرة أسلوب تربية معين، ومناهج دراسية أهملت الأخلاق والتربية واهتمت بأشياء أخرى. هؤلاء المشجعون هم صورة لما أنتجه مجتمعنا من عنف وأنانية واستهتار، وتصرفاتهم العنيفة ليست سوى صورة طبق الأصل لما يحدث كل يوم في شوارعنا.

رحم الله حمزة البقالي.

Read Previous

في رحيل عبد الجبار السحيمي: بخط القلب..

Read Next

تاريخ الخطاب الأمازيغي: الحلقة الأولى (1/4)