استبلاد بطعم سمك السلمون الهولندي

إذا كان شباط وحزبه غير راضين عن أداء هذه الحكومة فليمتلكا الشجاعة والقرار المستقل للخروج منها. هما يدركان أنهما لا يمتلكان لا قرار المشاركة ولا قرار المعارضة، فما يقوم به اليوم شباط هو جزء من الصفقة التي بموجبها أوتي به إلى رئاسة حزبه حتى يكون شوكة في خصر الحكومة التي يقودها العدالة والتنمية، فكلاهما جزء من لعبة كبيرة المستفيد فيها هو القصر والخاسر الكبير هو الشعب.

إنها خلاصة مقال لأحد كتبة “الكتيبة إياها”، الكتيبة الأممية التي تتحرك بالأوامر العابرة للقارات، والتي تعززت منذ مدة بالسيولة الهولندية حتى تفرنس إفلاسها وتيهها بحثا عن سراب الثورة والدم، بعدما لهثت أكثر من عام في شوارع المملكة على أمل أن يتيه وراءها جزء من الشعب حتى تسوقه كوقود للحلم الذي لم ولن يتحقق، سواء أتت السيولة بالأورو أو بالدولار أو بالخلدة الهولندية.

القصر هو المستفيد والشعب هو الخاسر، إنها محاولة أخرى لإستبلاد الناس في الشبكة العنكبوتية، فلو كان هناك تعارض بين القصر والشعب لما كان “الصغير ولد باه” وصحبه لاجئين إلكترونيين، ولكان هو و”بوب الصغير” اليوم من قادة المجلس الانتقالي في بلاد المغرب الإسلامي، يلهثون صباح مساء وراء استجداء  ”شوية” من الحريات الفردية، حرية مقارعة المخمرة أو الفاقع لونها، أو ربما أطلقوا لحاهم ولهثوا وراء التصالح التاريخي بين الشمولي الأصولي والحريات الفردية التي بكثرة استهلاكهم لها اليوم يظنون أنها وحي يوحى، ملزم به غيرهم إلى يوم الدين.

من من البلداء يقبل هذا المنطق التبسيطي الذي يفترض تعارضا استراتيجيا أو ظرفيا بين الدولة والحكومة؟ حتى تلجأ الدولة إلى خدمات شباط أو غيره أو تستجديه لكي يطيح بالحكومة، علما أن فصول الدستور واضحة وضوح الشمس وهي تعطي لرئاسة الدولة كل الصلاحيات من أجل إبقاء أو إعفاء الحكومة، وهي فصول لن يمارس الحق فيها بالوكالة أي حزب لأنها تتجاوز منطق الأحزاب فرادى أو جماعات، وأن المنطق الذي يحكمها هو حماية المنهجية الديمقراطية والمصالح العليا للدولة المغربية.

المنطق التبسيطي عاش قبل أن يختفي بأوراقه الصفراء وطلب اللجوء في بيت العنكبوت، حيث لن يستبلذ الناس طويلا، فمن يصدق أن من مصلحة الدولة إضعاف حكومتها حتى تجعلها لينة لتقبل تعديلا وزاريا أو توزير فلان أو فلانة مكان فلان أو فلان؟

شباط أو غير شباط أمين عام انتخب داخل حزبه وبأصوات حزبه، وهو ليس مؤتمن إلا على مصالح حزبه ومصالح أخرى من منظور حزبه، فقبله تصارع الكثيرون داخل أحزابهم ومن أجل أحزابهم ومنظور أحزابهم، سواء حول تسيير الشأن العام أو غير الشأن العام من قبيل تكوين الحكومة أو غيرها من التعيينات.

فماذا سيخسر الشعب أو يربح لو تكلم أو سكت شباط؟ أكيد لا شيء لأن الحكومة تشتغل بعيدا عن تصريحات شباط الصحافية، ونواب حزب الاستقلال هم الأكثر انضباطا في التصويت للحكومة وقوانينها، اللهم إذا كانت هناك قرارات كانت الحكومة تريد اتخاذها ومنعها شباط، ولم تعلن للرأي العام.

الحكومة الحالية سيدة قرارها، فهل منعها شباط أو غيره من الزيادة في الأجور أو توظيف جميع الأطر العاطلة عن العمل أو تخفيض أسعار البترول أو أسعار الخضر والفواكه والمواد الاستهلاكية الأخرى؟ أو اتخاذ أي قرارات أخرى من شأنها تقوية مداخيل الميزانية العامة و أوجه صرفها؟

إن افتراض إضعاف الحكومة من طرف الدولة لن ينطلي إلا على السذج لأن استقرار الدولة من استقرار الحكومة، ومن يراهن على هذا التعارض فهو يراهن على السراب، فنجاح الحكومة في ضمان الاستقرار يضمنه للبلد ولا يضمنه للأغلبية الحكومية أو المعارضة، لكن الأهم هو أنه منذ تعيين الحكومة الجديدة يلاحظ أكثر من متتبع نزوعا لمصادرة حق المعارضة، وحتى مكونات الأغلبية من المساهمة في النقاش حول تسيير الشأن العام سواء داخل البرلمان أو خارجه، وهناك من يسعى إلى تخوين كل من انتقد الحكومة في تعارض تام مع مقتضيات الدستور الجديد، الذي أضفى سندا دستوريا على دور المعارضة في استلهام تجربة الديمقراطية البريطانية.

فهل من حق الأغلبية وزعماء الأغلبية انتقاد أداء الحكومة؟ أكيد أن الجواب سيكون بلا أو نعم، لأن هناك منطق يعطي هذا الحق فقط لنواب حزب العدالة والتنمية ويمنعه عن غيرهم من وجهاء الأغلبية الحكومية، وهو منطق يعتبر أن باقي مكونات الأغلبية هم قطيع محبس على الحزب الأغلبي، دورهم لا يتجاوز ماكينة تصويت وتبريك كل القرارات التي تتخذها رئاسة الحكومة، وأن الأمين العام لحزب العدالة و التنمية هو في حكم أمين عام لمجموع الأحزاب المشكلة للحكومة، وأن الأمناء العامون المنتخبون من أحزابهم هم فقط  ممثلون للأمين العام، رئيس الحكومة على رأس أحزابهم.

أيا كان الموقف من التراشق الإعلامي والكلامي داخل البرلمان بين الأغلبية والمعارضة، أو بين أطراف الأغلبية الحكومية فهو يكسر الرتابة السياسية ويعطي حيوية للمؤسسة التشريعية، خصوصا وأن المغرب مقبل على الانتخابات الجماعية، وهي حيوية يحتاجها المشهد السياسي المغربي من أجل إعادة التصالح بين بعض المغاربة والعمل السياسي، وهو ما يفسر إلى حد بعيد أن الحزب الأغلبي لا يظهر ولاءه إلى الحكومة إلا عند التصويت، أما ما عدا ذلك فهو يتصرف تصرفا يصنف في خانة الأحزاب المعارضة.

حمو واليزيد الأكوري

Read Previous

نقل حسني مبارك إلى مستشفى المعادي العسكري بعد تدهور حالته الصحية

Read Next

البرلمانية التي غازلت بن كيران تثير سخرية الفيسبوكيين (مع فيديو المغازلة)