لوَّح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاثنين بنشر قوات الجيش لوقف أعمال العنف في البلاد التي تشهد موجة غضب تاريخية إثر مقتل أمريكي من أصول أفريقية على يد رجال شرطة بيض. ووعد ترامب بإعادة فرض الأمن مجددا جراء احتجاج آلاف الأمريكيين على العنف الذي تمارسه الشرطة والعنصرية والتفاوت الاجتماعي تضاف إليها أزمة انتشار وباء كوفيد-19. وشهدت مدينة نيويورك أعمال سلب ونهب لعدد من المتاجر الكبرى في الجادة الخامسة الشهيرة كما سيطبق قرار حظر تجول ليلي في المدينة اعتبارا من مساء الثلاثاء.
نهبت مساء الاثنين في مدينة نيويورك الأمريكية العديد من المتاجر الكبرى في الجادة الخامسة الشهيرة، كما أفاد مراسلو وكالة الأنباء الفرنسية في المكان. ولن يبدأ تطبيق قرار حظر التجول الذي فرض الاثنين في المدينة من الساعة 23,00 حتى الخامسة فجرا إلا اعتبارا من الساعة 20,00 الثلاثاء، حسبما أعلن رئيس بلدية نيويورك بيل دي بلازيو مؤكدا في الوقت نفسه أن المدينة “تحت السيطرة بالكامل وهادئة عموما”.
بينما وعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاثنين بإعادة فرض الأمن في الولايات المتحدة التي تشهد موجة غضب تاريخية أثارتها وفاة جورج فلويد أثناء قيام الشرطة بتوقيفه، مهددا بنشر الجيش لوقف أعمال العنف.
ويواجه ترامب عصيانا مدنيا هو الأخطر في ولايته مع احتجاج آلاف الأمريكيين على العنف الذي تمارسه الشرطة والعنصرية والتفاوت الاجتماعي تضاف إليها أزمة انتشار وباء كوفيد-19. وقالت المتظاهرة الأمريكية المتحدرة من أصول أفريقية جيسيكا هوبير لوكالة الأنباء الفرنسية “من كل أعماقنا، نقول لقد ضقنا ذرعا”.
حظر تجول
بعد أسبوع على مقتل جورج فلويد المواطن الأسود البالغ من العمر 46 عاما اختناقا نتيجة عنف مارسه عليه شرطي أبيض في مينيابوليس، عززت نيويورك ولوس أنجلس وعشرات المدن الأمريكية الأخرى إجراءاتها الأمنية ومددت حظر التجول الليلي لإفراغ الشوارع من المحتجين.
في واشنطن، أوقف عشرات المتظاهرين بدون عنف مساء الاثنين لانتهاكهم حظر التجول الذي يبدأ عند الساعة السابعة مساء. وأمام هذه الاضطرابات التي تضاف إلى أزمة فيروس كورونا المستجد، أعلن ترامب الاثنين بلهجة حازمة عن نشر “آلاف الجنود المدججين بالسلاح” في العاصمة وشرطيين لوقف “أعمال الشغب والنهب”.
واعتبر أن الاضطرابات التي وقعت الأحد في واشنطن تعتبر “وصمة عار” داعيا حكام الولايات إلى التحرك بسرعة وبشكل حازم “لضبط الشارع” ووقف دوامة العنف.
وقال ترامب بلهجة تحذير “إذا رفضت مدينة أو ولاية ما اتخاذ القرارات اللازمة للدفاع عن أرواح وممتلكات سكانها، فسأنشر الجيش الأمريكي لحل المشكلة سريعا بدلا عنها”.
تنديد ديمقراطي
وندد المرشح الديمقراطي للرئاسة الأمريكي جو بايدن بهذا الموقف قائلا إن ترامب يستخدم الجيش الأمريكي ضد الأمريكيين” ويستخدم الغاز المسيل للدموع ضد “متظاهرين سلميين” وكل هذا لمجرد الترويج لنفسه، وذلك بعيد زيارة مفاجئة قام بها ترامب إلى كنيسة مجاورة للبيت الأبيض.
وقال بايدن في تغريدة على تويتر إن ترامب الذي سيتواجه معه في الانتخابات الرئاسية المقررة في 3 تشرين الثاني/نوفمبر “يستخدم الجيش الأمريكي ضد الأمريكيين. إنه يطلق الغاز المسيل للدموع على متظاهرين سلميين ويطلق عليهم الرصاص المطاطي. من أجل صورة”. وأضاف “من أجل أولادنا ومن أجل روح بلادنا علينا أن نهزمه. ولكني أعني هذا عندما أقوله: لا يمكننا أن نفعل ذلك إلا معا”.
وأتت تغريدة النائب السابق للرئيس السابق باراك أوباما بعدما توجه ترامب مساء الاثنين سيرا من البيت الأبيض إلى كنيسة ساينت جون، الصرح الديني المجاور لمقر الرئاسة والذي طالته ليل الأحد أعمال تخريب خلال تظاهرة للاحتجاج على العنصرية وعنف الشرطة، في زيارة رفع خلالها الكتاب المقدس أمام عدسات المصورين.
ومساء الاثنين وقف ترامب أمام المعلم المعماري أصفر اللون رافعا بيمناه الكتاب المقدس وقال “لدينا بلد عظيم”. وأضاف “هذا أعظم بلد في العالم وسوف نضمن أمنه”، قبل أن ينضم إليه في الوقوف أمام الكنيسة التي غطت ألواح من الخشب بوابتها ونوافذها، بعض من الشخصيات بينهم وزير العدل بيل بار والمتحدثة باسم البيت الأبيض كايلي ماكيناني. وكانت كنيسة القديس يوحنا التي يطلق عليها اسم “كنيسة الرؤساء” قد تعرضت لأعمال تخريب على هامش مظاهرات احتجاجية ليل الأحد وقد أضرم فيها مخربون النيران.
“الضغط على العنق”
من بوسطن إلى لوس أنجلس ومن فيلادلفيا إلى سياتل، كانت حركة الاحتجاج تعبر عن مواقفها بشكل سلمي حتى الآن لكنها شهدت أعمال عنف ليلية وعمليات تخريب. من أبرز الشعارات “لا يمكنني التنفس” في إشارة إلى آخر كلمات جورج فلويد حين كان مثبتا على الأرض من قبل شرطي ركع فوق رقبته، وأخرى منددة بالعنصرية.
توفي فلويد اختناقا بعدما أصيب بـ”سكتة قلبية” جراء “الضغط على عنقه” من قبل عناصر الشرطة وقد كان تحت تأثير مخدّر أفيوني قوي، كما أظهر تقرير الطب الشرعي. وقال الطبيب الشرعي في مقاطعة هينبن في بيان إن فلويد “أصيب بسكتة قلبية-رئوية” بسبب تثبيته أرضا من قبل رجال الشرطة الذين ألقوا بثقلهم عليهم، مشيرا إلى أنه كان حين فارق الحياة تحت تأثير مسكّن فنتانيال، وهو من الأفيونيات القوية.
لكن لا إقالة الشرطي ديريك شوفين الذي وجهت إليه تهمة القتل غير العمد لجورج فلويد، ولا توقيفه أديا إلى تهدئة الأجواء وطالت المظاهرات 140 مدينة أمريكية كما امتدت إلى خارج الولايات المتحدة.
خصوم الولايات المتحدة
ولم تفوت الصين وإيران فرصة انتقاد واشنطن على خلفية هذه المسألة. كما اتهمت رئيسة السلطة التنفيذية في هونغ كونغ كاري لام الثلاثاء واشنطن باعتماد سياسة “الكيل بمكيالين” لأنها انتقدت طريقة تعامل حكومتها مع الاحتجاجات العنيفة في المقاطعة في حين أن طريقة تعامل الولايات المتحدة مع الاحتجاجات الراهنة فيها لا تختلف كثيرا.
فرانس24/ أ ف ب