نادٍ للملاكمة في هامبورغ يدعو اللاجئين إلى الحلبة!

يشجع الملاكم العراقي الكردي حسين إسماعيل اللاجئين على التدرب في ناديه بمدينة هامبورغ الألمانية وعلى التعرف إلى أصدقاء جدد.

دوتش فيليه تحكي قصة نجاح النادي وتسلط الضوء على داليا إحدى اللاجئات العربيات المتدربات على الملاكمة هناك. “لا أدري ماذا كنت لأفعل بدون هذا النادي”، تقول فتاة ذات شعر أسود وقميص أحمر وهي ترتدي قفاز الملاكمة.

داليا (15سنة) لاجئة فلسطينية من بين عشرات اللاجئين الذين يتدربون في “بي سي هانسيت”، وهو نادٍ للملاكمة في قلب مدينة هامبورغ الألمانية. بالنسبة لغالبية هؤلاء اللاجئين فهذا النادي أصبح مكانا للقاءات الاجتماعية والتعرف على أصدقاء جدد، إمضاء وقت ممتع والتدرب على اللغة الألمانية بين الجولات الملاكمة. “تركتُ فلسطين منذ 6 سنوات”، تقول داليا لـ دوتش فيليه باللغة الألمانية التي تعلمتها حديثا مضيفة: ”قدمنا إلى هامبورغ العام الماضي، وكنا نأمل في أن يُسمح لنا بالبقاء. وشخصيا لطالما ساورتني رغبة في الانضمام إلى نوادي فنون القتال.

ويعود فضل انضمامي لهذا النادي إلى المساعدة الاجتماعية في المدرسة والتي مدت لي يد العون ودلتني إلى هذا المكان. يومي الأول في تعلم الملاكمة كان صعبا ولكنني الآن أحب هذه الرياضة”. بالنسبة لداليا الانضمام إلى هذا النادي لا يتمحور فقط حول القتال ولكن أيضا الصداقة، ”من الجميل أن ألتقي بلاجئين قدموا إلى ألمانيا”. إذ ترى داليا بأن جميع اللاجئين مروا بنفس الظروف ويفهمون الضغوط التي يتعرضون في ظل مستقبل مجهول. عائلة داليا الآن لا تعرف ماذا يحمل المستقبل لها. عراقي كردي يدير النادي حسين إسماعيل، كردي يدير نادي “بي سي هانسيت”، لا تختلف وضعيته كثيرا عن وضعية داليا، فقد ترك العراق سنة 1979 ليبدأ حياته الجديدة بألمانيا، زار عدة مدن كهانوفر وهامبورغ وغوتينغن، حيث تعلم أن يكون ميكانيكياً، “أينما عشتُ، كنتُ دائما أمارس الملاكمة”.

حسين هو أيضا من أعضاء النادي الذين يداومون على التدرب على الملاكمة، أثناء حديثه إلينا جلب له أحدهم سترة لطفل عليها رمز النادي، فمؤخرا أصبح حسين أبا للمرة الثانية ويعرض بكل فخر صور طفله على الهاتف. شغف الملاكمة لم يفارق شغف الملاكمة حسين طوال حياته، فقد أسس سنة 1993 نادي “بي بي هانسيت” للملاكمة، ولم يكن منضماً إليه آنذاك سوى 8 أعضاء مؤسسين، أما الآن فيبلغ عدد أعضائه 80 عضوا. شارك النادي في تنظيم عدة بطولات للملاكمة على المستويين المحلي والوطني. وقد بدأ أعضاءه في الأسبوع الماضي التدرب في قاعة رياضية مدرسية بهامبورغ، في حي بولي ديستريكت الذي يتواجد بمحاذاة ريبربان، الشارع المعروف بالنوادي الليلية وفن ترفيه الكبار.

في ديسمبر 2015، قرر حسين إسماعيل بمعية مدربين آخرين القيام بمبادرة لفائدة اللاجئين القادمين إلى هامبورغ، “سمعنا عن وضعية اللاجئين في بعض شوارع المدينة، وعن عدم وجود أنشطة يقومون بها، فذهبنا إلى هناك ووزعنا مناشير ندعو فيها الناس للتدرب معنا”. لبى دعوة حسين 40 شخصا، أغلبهم استطاع البقاء في النادي، وبعضهم صاروا أبطالاً الآن في الملاكمة، ينحدر هؤلاء من الشرق الأوسط، شمال إفريقيا ودول البلقان، ويتوزع كذلك الأعضاء بين النساء والرجال، الصغار والكبار، اندمجوا بسرعة مع باقي الملاكمين الألمان، ولأن حسين يجيد الكردية والفارسية والعربية فقد ساعدت هذه المهارة في التواصل مع اللاجئين، ”رغم كل ذلك، أحاول أن أحدثتهم باللغة الألمانية معظم الوقت”.

بالنسبة لحسين فإن الرياضة تعلم الانضباط والاحترام، وهذا يشكل أمرا بالغ الأهمية بالنسبة لأشخاص مروا بصعوبات في حياتهم. نادٍ رائد في الشهر غشت 2016، صنفت فيدرالية الألعاب الأولمبية الألمانية نادي “بي سي هانسيت” كأحد نواديها الرائدة، وذلك ضمن برنامج “الاندماج عبر الرياضة”، وهو إنجاز يعتز به حسين إسماعيل. يقول المنظمون بأن النادي يستحق الاحترام للإنجازات التي قام بها، وهو أمر لم يكن ليحدث لولا الكثير من العمل التطوعي والتمويل المحلي، إذ أن الشركات المتواجدة في المنطقة معروفة بتشجيعها للمشاريع ذات الثقافات المتعددة. ولذلك دعمت هذه الشركات النادي بالمال والمعدات، إضافة إلى عروض البيرة وعصير الليمون في حفلات الصيف.

فقضية اللاجئين هي قريبة من قلوب الناس في هذه المنطقة من هامبورغ. نادي “بي سي هانسيت'” هو جزء من ظاهرة منتشرة، ففي جميع أنحاء ألمانيا تفتح المنظمات أبوابها للاجئين، وفي الجانب الآخر هناك مناطق حيث قوائم انتظار طويلة للانضمام للأندية الأكثر شعبية. بالنسبة لداليا، الاندماج في المجتمع الألماني عن طريق الرياضة ليس مفهوما مجردا، لكونها قد كونت صداقات وتعلمت مهارات جديد، وهي الآن فخورة بكونها ملاكمة وبالنادي الذي انضمت إليه. هل تريدين أن تكوني منافسة في البوكس، تجيب بضحكة: ” بكل تأكيد”.

Read Previous

هل كانت شركات السُكَّر تخفي الحقيقة منذ نصف قرن؟

Read Next

فيديو مغربي آخر يشتكي من تغير لون لحم أضحيته إلى اللون الأزرق