استراتيجية داعشية للتعبئة تقوم على الإغراء المادي ضمانا للولاء

 

تطلب البرنامج والأسلوب والهدف الذي يسعى إليه تنظيم “الدولة الإسلامية” في إحكام سيطرته ونفوذه وتنفيذ مشروعه على الأراضي التي استولى عليها في العراق وسوريا وإدارته لتلك المناطق وعلاقته مع أبنائها وعشائرها، وفق ورقة بحثية صادرة عن وحدة الدراسات العراقية التابعة لمركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية، جهدا كبيرا ومتميزا ويحتاج إلى إمكانيات مادية وتعبوية تعينه على تنفيذ أهدافه واحتواء أهالي المناطق جميعا، بما يعزز قيمة وروح واندفاع المقاتلين والمؤيدين له، وبالتالي تُمكن قياداته من السيطرة والتحكم بزمام الأمور.

ولطالما تجلّى أن فئة الشباب هي الدعامة الأساسية التي اعتمد عليها التنظيم في إظهار قوته ونفوذه واستخدم جميع الإمكانيات المادية والتعبوية من أجل استقطابها.

 

هذه الإمكانيات المادية التي يوجهها التنظيم المتشدد للموالين له لضمان ولائهم المتواصل كما تعدّ آلية لإغراء مقاتلين آخرين، تنوعت مصادرها وعمل التنظيم على ضمانها بتمكّنه من السيطرة على 80 حقلا من حقول النفط في العراق وسوريا.

 

كذلك تمكن التنظيم من إنتاج مادتي النفط الأبيض (السولار) والبنزين بجودة منخفضة، وإعادة الكميات المنتجة إلى المناطق المسيطر عليها مثل (مدينة الموصل) استجابة لحاجات السوق المحلية، حيث يبلغ عدد سكان محافظة نينوى أكثر من 3 ملايين نسمة. كما يحصل التنظيم على مبلغ مليون دولار أو أكثر يوميا نتيجة عمليات التصدير والتهريب لمادة النفط وإنتاج المشتقات النفطية وبيعها في السوق المحلية أو حتى عبر مهربين مختصين.

 

وتتولى عناصر داعش كذلك إدارة عمليات التهريب وبيع النفط المستخرج من هذه الحقول عبر الحدود العراقية التركية، ويبلغ سعر برميل النفط المباع إلى حدود 25 دولارا، وتتباين عمليات وسعر مواد التهريب حسب السوق العالمية للنفط.

 

وقد سعى التنظيم إلى السيطرة على المعابر الحدودية مع دول الجوار، وتمكن من إحكام نفوذه على عدد من النقاط الحدودية عبر الأراضي التركية السورية وكذلك عبر الأراضي العراقية السورية وآخرها معبر الوليد، وبهذا فإنّه عزز قدرته الاقتصادية على إتمام التبادل التجاري عبر هذه المنافذ بحرية وبنشاط اقتصادي كبير يدر عليه أموالا طائلة.

 

ولا تقتصر موارد التنظيم المادية التي يغري بها منتسبيه الجدد على النفط والتهريب، بل هو يسعى دائما إلى الاستفادة من عمليات التجارة الخاصة التي يقوم بها عدد من التجار، واستيفاء مبالغ نقدية منهم لقاء حماية بضائعهم واستمرار تجارتهم، وإيصالها إلى المنافذ الحدودية، ما يعود بمنفعة مالية الكبيرة.

 

وقد وسع التنظيم كذلك من تقدمه داخل الأراضي السورية، واستحكم على كثير من المناطق ذات الأهمية الاقتصادية، لما فيها من مصادر للطاقة، مثل مدينتي تدمر ودير الزور. وعمد إلى بيع الآثار المنهوبة، والتي أضحت تدر أرباحا كبيرة عليه، إذ يعتقد أنّه جنى منها ملايين الدولارات. وحسب مصادر غربية فإن كمية الآثار التي باتت مطروحة للبيع، بعد الاستيلاء عليها في سوريا والعراق قد تسببت في انخفاض أسعار بعض قطاعات سوق الآثار.

 

خلاصة القول، إنّ أحد الأخطار الكبرى المتعددة المتعلقة بتمدد داعش في العراق وسوريا هو سعيه المحموم إلى تحقيق حلمه القاضي بتشكيل دولة اقتصادية نفطية جديدة بين سوريا والعراق، تمكنه من إدامة زخم تواجده وتنفيذ “مشروعه واستمرار دعمه لمقاتليه ومؤيديه من الشباب الواعد”، الذي يعتبره قادة التنظيم أساسا واستمرارا لبقائهم.

 

Read Previous

النظام الجزائري المريض يروج للتضليل الفاضح حول مغربية الصحراء

Read Next

وفاة صحفي بريطاني بمدينة طنجة