مصطفى الحسناوي..أو حين يكون الطموح أكبر من المقاس والمقام بكثير

هناك من يصر على أنه يمتهن حرفة الصحافة، ويصر أيضا على أنه حقوقي وبامتياز أيضا. هذا الإصرار الغريب ينطبق فعلا على مصطفى الحسناوي المُدان من طرف القضاء المغربي في أحد ملفات قضايا الإرهاب. فالرجل الموجود تحت ظل زنزاته بمقتضى قرار المحكمة، لا يرتاح له بال ما لم يبق في الصورة وتُسلط عليه الأضواء. وبما أن قبيلة الصحافيين في “مقام أهل مكة أدرى بشعابها”، فهم يعرفون جيدا من هو الصحافي الحقيقي ومن هو “الصحافي النجّار”، لذلك كان طبيعيا أن لا تتبنى قبيلة الصحافيين قضية الحسناوي. وحتى قبيلة الحقوقيين تبقى أدرى بشعابها. وأمام هذا الوضع لم يبق أمام صاحبنا سوى أن يتكلف شخصيا بمحاولة تسليط الضوء على نفسه وقضيته، ولم يجد ملجأ لتصريف مواقفه البهلوانية سوى حقوقيو الفيسبوك وصحافيوه، فسرب لهؤلاء مقالا بعنوان “أخطاء العفو القاتل”، تم نشره بصفحة خاصة بالمتضامنين معه من طينة بعينها من “أهل الفيسبوك”، تحمل اسم “أطلقوا سراح الصحفي مصطفى الحسناوي”.

وبدون سياق موضوعي حشر الحسناوي أنفه في ما أسماه “أخطاء العفو القاتلة”، وأعاد إثارة قضية السفاح دانييل التي تم الحسم فيها بشكل نهائي بمقتضى القانونين المغربي والاسباني.

صاحبنا الذي يصر على تسليط الضوء على نفسه وقضيته، ولو بالباطل والبهتان، يبلغ من العمر 35 سنة، وهو منحدر من دوار “بوخلفة” بميسور بإقليم بولمان، لم يحصل على شهادة الباكالوريا، فسلك مسلك التكوين المهني بالمعهد العالي للتكنولوجيا التطبيقية بنفس المدينة. وهناك تلقى تكوينا تقنيا، ومع ذلك صعب عليه الحصول عمل قار، فانتقل إلى مدينة الدار البيضاء ليشتغل مستخدما بشركة خاصة بالتوظيف، قبل أن ينتقل إلى مدينة سلا. وهناك لم يسعفه الحظ أيضا، وسعى جاهدا لفتح محل للأكلات السريعة، غير أن طموحه كان أكبر من أن يستكين لهذه التجارب، خصوصا بعدما راكم الانبهارات بترف الحياة في المدن الكبرى، وبعدما سمحت له الفرصة في التقرب من بعض رجالات ونساء الضوء، وأصبح من المقربين من فتيحة الحساني (أم آدم)، إلى أن اتهمهما الإخوة في نفس العقيدة بالعبث الأخلاقي، الذي لا يخضع للضوابط الدينية. وهي القضية التي أثارت الكثير من المداد خلال سنتي 2012 و2013، سواء في صفوف السلفيين عبر البيانات والبيانات المضادة، أو من خلال الصحافة، خصوصا أنه تم اللجوء، في هذه النازلة، إلى “الشيخ هاني السباعي المصري، المقيم ببريطانيا ليدلي بدلوه في هذا العبث الأخلاقي.

كيف يمكن تقييم مكانة هذا “الصحفي الحقوقي” في حقل القبيلتين؟ فالمقتفي لمسار صاحبنا سيكتشف لا محالة تدرجه في سلم التطرف والغلو، إلى أن بلغ مرتبة التكفير والسعي إلى قتال المسلمين، وهذا ما يؤكده ملخص وقائع قضيته التي سُجن من أجلها، فقد ثبت أن الحسناوي سبق له سنة 2009 مصاحبة الجهادي في صفوف القاعدة عبد العظيم الكبير المعتقل حاليا بألمانيا، إلى الديار التركية، حيث كانا قرار الالتحاق بالمناطق الحدودية بين باكستان وأفغانستان عبر إيران، رفقة صهر عبد العظيم الكبير، وجهادي آخر منحدر من مدينة الرباط.

خلال هذه الفترة، أقام الحسناوي مع رفاق مشروعه الجهادي في مكان آمن بالمنطقة الحدودية التركية المسماة “يوكسيكوفا”، في انتظار أن يسعفهم الحظ بمساعدة أحد الأتراك، الذي كان مكلفا بتسريبهم سريا إلى منطقة “زاهيدان”.

ففي الوقت الذي نجح فيه عبد العظيم الكبير بفضل جواز سفره الألماني، في بلوغ إيران ثم وزيرستان، حيث أقام في حمى “الجماعة الإسلامية الأزبكستانية”، واستفاد بين ظهرانيها من تدريبات شبه عسكرية، لم يتأت ذلك للحسناوي.

غير أن إحباطه في بلوغ نفس الهدف بعد فشل المحاولة سنة 2009، لم يزده إلا إصرارا انطلاقا من قناعاته وأفكاره، ليعاود الكرّة في بداية مايو من السنة الماضية، وهذا ما كان سببا في اعتقاله من طرف السلطات التركية وترحيله إلى المغرب.

إنه المنطق الحقوقي المدافع عن حقوق الإنسان التكفيري والمستبيح لدم من يخالفه المعتقد، أما صفة الصحفي التي ينتحلها صاحبنا، فهدفها تزييف الحقائق ونشر أخبار زائفة وتحاليل تعكس أن لهذا الشخص طموحا أكبر من مقاسه بكثير.  

Read Previous

عبد القادر البرازي في ذمة الله . إنا لله و إنا إليه راجعون

Read Next

تندوف فوق صفيح ساخن