على هامش مناقشة القانون المالي: قطاعات وزارية كاشير وأخرى كافرة من الجاهلية

بعد البرنامج الانتخابي والبرنامج الحكومي يأتي القانون المالي، وفي ظرف أربعة أشهر ظهرت الحقيقة، الحكومة لا تملك ما تجيب به على انتظارات الشعب في الحد الأدنى، كل الوعود الانتخابية تَبَخَّرَتْ، المغرب في أزمة: هناك الجفاف والعجز الآتي في الطريق الذي يتطلب استيراد 4 ملايين طن من الحبوب وهناك الاحتياط النقدي المتآكل، والذي لا يغطي إلا أشهر معدودات، الباطرونا غاضبة من قانون المالية، الذي لم يأخذ بعين الاعتبار ولو إجراء واحد من مقترحات الباطرونا، والأجراء غاضبون و”حرايفية” الإضرابات حتى في نقابة الحزب غاضبون ضد الإجراءَات التي اتخذتها الحكومة، إذن في غياب قانون مالية يترجم بعض عنتريات البرنامجين الانتخابي والحكومي، ماذا بقي إذن لم يبق إلا “سيد الهضري” وتعمار الشوارج بالخاوي الذي لا يفيد.

تصريحات هنا وهناك ليس لها من داع سوى إلهاء الناس ببعض جزئيات قضايا الهوية كمنع إشهار القمار في الإعلام العمومي، أو نشر اللوائح التي حولت وزراء العدالة والتنمية من مسؤولي قطاعات وزارية إلى ملحقين إعلاميين لا يبحثون عن النجاح إلا في الفرقعات الإعلامية التي تعطيهم نجاحا افتراضيا لا يدوم إلا أيام معدودات، في انتظار فرقعات أخرى لخلق الفرجة واستنهاض الفرح الطفولي لدى الشعب حتى تصبح أيام الشعب كلها عاشوراء لا يستملح فيها الناس إلا بالفرقعات، ولا يأخذ واجهتها إلا النواقصية في مسلسل على حلقات…

ففي غياب قانون مالي مدقق يمكن الناس مما تريد ويرفع المعاناة عن شعبنا في الحواضر والبوادي، يستجيب لأماني الشعب وتطلعاته في العيش الكريم داخل المدرسة والمستشفى والحافلة، وفي الأماكن العامة،  وفي غياب الإجراءات الملموسة لخلق القفزة النوعية للاقتصاد المغربي وتطوير أداء الإدارة، لا تملك الحكومة إلا إعادة إنتاج خطاب المعارضة السابقة من خلال امتداداتها داخل المؤسسة التشريعية. إنه لشيء مقبول ما دامت الحكومة بنوابها الذين لم يكن لهم فهم عميق أيام كانوا في الظل لحقيقة الأوضاع حتى يضعوا برنامجا انتخابيا وحكوميا قابلان للتحقيق، لكن من غير المستساغ أن يقوم رئيس الحكومة بتسيير حكومتين، حكومة تشرف على القطاعات الوزارية الحلال أو كاشير، يلتزم فيها نواب العدالة بمقتضيات الدعاية الحزبية وتقاليد عَظَمْ  خُوكْ آ البوخاري، وقطاعات أخرى غير حلال، كافرة من زمن الجاهلية يلزم جلدها بقواميس من محبرة الحرام والحلال في الإسلام السياسي، فالناس كل الناس التي صوتت للعدالة والتنمية بناء على برنامج تعاقدي بإرادة واحدة بنوده في البرنامج الانتخابي للحزب، صوتت من أجل الفعل، من أجل إجراءات ملموسة على كل المستويات وليس من أجل اجترار انتقادات الماضي كحال أحد نواب العدالة والتنمية، الذي نسي أن المغرب تديره حكومة ملتحية برئاسة بن كيران، واكتفى في معرض مناقشته لميزانية السكنى وإعداد التراب الوطني بانتقاد الوزراء السابقين عوض أن يشمر هو وحكومة أمينه العام في طرح إجراءات ملموسة تمكن من الاستجابة منذ السنة الأولى للخصاص في سوق الإسكان، وسد العجز في الوحدات السكنية وتقديم أكثر من منتوج يستجيب لمختلف الشرائح بما فيها ساكنة دور الصفيح.

الرجل يظن أنه مارس دوره كاملا بانتقاده لقصور ميزانية من 40 مليار درهم عن امتصاص البناء العشوائي منذ عشر سنوات، ونسي أن يقدم ولو تعديل واحد يمكن شعب دور الصفيح من الحق في السكن اللائق، فربما غدا ينزل وزراء العدالة والتنمية إلى الشارع ليقفوا مع غيرهم من سكان الدواوير أمام الملحقات الإدارية للمطالبة بإسكان قاطنة دور الصفيح حتى يفهموهم أنهم لا زالوا على العهد في إطار استبلاد الناس. المواقف المبدئية والجرأة في الكلام تكون لها مشروعية عندما لا يتحكم الإنسان في دواليب الفعل والقرار، أما والحزب يتحكم في البرلمان والحكومة فعليه أن يأتي بالجواب، أو على الأقل أن يقول الحقيقة حول قِصَرِ ذات اليد وشح الإمكانات وغياب البدائل أو أن يصمت ويترك غيره يمارس المعارضة وفاء ا للتضامن الحكومي.

بن كيران هو رئيس الحكومة و الحكومة تتكون من قطاعات ولكل قطاع اكراهاته بما فيها أم الوزارات التي أصبحت في عهدة الأحزاب، وولى الزمن الذي كانت فيه وزارات السيادة وأصبحت الأغلبية الحكومية مسؤولة عن كل القطاعات من خارجية وداخلية ومالية وعدل وغيرها. غير أن نواب حزب بن كيران ربما لهم رأي آخر، كما حدث في مناقشة ميزانية وزارة الداخلية التي تعرضت للجلد لأنها كانت وستبقى عاملة نظافة القطاعات الحكومية الأخرى، فعندما تنزل الناس للشارع تحتج على ضعف الخدمات في مستشفى أو الحالة المزرية لطريق وطنية أو غياب المدرسين أو غلاء الماء والكهرباء، أو غياب وسائل النقل عبر الطرقات أو تأخر قطار، يغيب كل النواقصية وتخرس أجراسهم فلا أحد منهم يتطوع ليحاور السكان والمواطنين ويتركون الأمر لنكرات أم الوزارات شي يكوي وشي يبوخ، يتناوبون على الأدوار نيابة عن حكومة الوزراء الناشرين الذين لا يتبارون إلا في النشر، نشر اللوائح، وغدا عندما ينضب معين اللوائح القابلة للنشر سوف ينشرون لائحة الشعب ويقولون لنا من حق الشعب في إطار الوضوح أن يعرف لائحته.

أم الوزارات تدرب موظفيها على قمع المواطنين، إنها الفقرة الأبرز في تدخل أحد نواب المكناسيين للعدالة والتنمية، الذي احترف منذ الدورة السابقة لغة الكلام الذي لا يفيد، أو النائب الوجدي أفتاتي الذي شبه الولاة و العمال بالبانضية عوض أن ينتقد الوزراء المحجبين في حكومة أمينه العام ومناديبهم في المدن والقرى الذين لا يحركون ساكنا أمام احتجاجات المواطنين ويعتصمون في مكاتبهم إلى جانب دواوينهم يحتسون كؤوس الشاي الحلال، بعيدا عن صداع المواطنين وبحثا عن مزيد من اللوائح للنشر، إلا أن لعبة اللوائح لا تفيد كلها المطلوب كلوائح القاصرات المغتصبات اللاتي تم تزويجهن شرعا و ليس قصرا.

لجنة العدل والتشريع أصبحت أم اللجان لا يتحصن فيها من نواب العدالة و التنمية إلا المحامون الباحثون عن الشهرة لمكاتبهم كما حدث لقبلهم من وجهاء الدفاع عن كل القضايا حتى يتم الترويج للوجوه وتزدهر المكاتب وتتضاعف مداخيلها فهي دعاية لا تكلف شيئا، رأسمالها مبني فقط على اللغو المغلف بالعنتريات.

قبل انتخابات 25 نوفمبر كان مفهوما، والعدالة والتنمية بعيدة عن التسيير أن يسمع الإنسان كلاما فيه ما هو نظري مرجعي أكثر مما هو واقعي، أما والعدالة والتنمية الآن في التسيير تتحكم في دواليب التسيير بكاملها إلى أن تقول العكس، فكلام نوابها حول خروقات حقوق الإنسان على الأقل منذ تنصيب الحكومة لا يجب أن تكون مقبولة إلا إذا بنيت على وقائع تستلزم إعمال القانون فلا أحد فوق القانون.

أحد المحامين المنتمين إلى حزب الحكومة جاي شبعان أملو وعسل الدغموس ومُجَفَّفْ آكناري، اختلطت عليه الفصول والأعوام ونسي أن وزارة العدل و الحريات يوجد على رأسها الرئيس السابق للجنة العدل والتشريع، أرجع عقارب الساعة سنوات إلى الوراء حتى يقتص من مندوب حقوق الإنسان ويحمله وزر عدم إعمال القانون كأنه يملك سلطة على النيابة العامة التابعة لوزارة العدل، عوض أن يقول كلامه المبطن بشهد عسل الدغموس إلى صاحب الوزارة كبير القضاة حتى يتحمل مسؤوليته تفتقت عبقريته عن حكاية اللجنة البرلمانية التي زارت أحد المقرات الأمنية، وتم استبلادها بحيث لم تعثر على المطلوب، كأن كثرة مشاغل نواب الأغلبية الحكومية ووزراء الحكومة لا تعطيها إلا حق الكلام في الكلام وتمنعهم من إعمال مقتضيات الدستور الجديد والقانون من أجل الدفاع عن حقوق الأشخاص والجماعات ولا تعطيهم الحق في تعيين وفد من كبار الشمشامة غير القابلين للإستبلاد، الذين يتمتعون بالفطنة التي تذهبها ماكلة أملو والدغموس وأكناري حتى يعثروا على مغارة علي بابا،  ويأخذوا الكنز الذي سيحل كل المشاكل المستعصية في المغرب ويتم حل وزارة الداخلية وتصبح ملكا مشاعا بين الناس ولا تشتغل الحكومة الملتحية إلا بوزارة بيت المال والمكوس ووزارة توزيع الأراضي الخلاء ووزارة العلاقات مع الفرنجة والروم، ووزارة القوافل التجارية والحج ووزارة طلب العلم في الصين وتركيا ووزارة الطرائد البرية والبحرية والقنص و وزارة الحبة —-السوداء والخودنجال والفحولة، ووزارة الفروسية والحمام الزاجل ووزارة الإطناب في الكلام، ووزارة الأعلاف والأكل الحلال، عندها تنتهي لعبة اللوائح ويصبح الماء والكلأ مشاعا بين الناس، ولا تؤدي القوافل التجارية المكوس في المرافئ ويصبح العلم في الصين مجانا ويتم تأميم حقول زراعة الحبة السوداء، وتشرب الناس الخودنجال صباح مساء وتعيش على عسل النحل، وتعود الجواري إلى حوارينا ويعود الرباب والدف إلى مغنانا، ويرسل كبير الوزراء عندنا كل مرة رسائل الوعد والوعيد مع تهديد أسلم تسلم إلى كبير الفرنجة أو كبير الروم أو حتى كبير دولة وعد بلفور، أو كبير الأمم الهاوية المتحدة، ويعم الرخاء البلاد والعباد ويسلم البرلمان إلى وزير اللغو والإطناب في الكلام يقيم فيه أفراح المدح والسمر والغيوان والتباري في تمجيد حكومة بن كيران، التي تريد أن تفهمنا اليوم أنها لا تحكم، وأن البصري لازال حيا وأنه يخرج ليلا ليقتص من الجانحين بعيدا عن بنود الدستور.

حمو أو اليزيد الأكوري

Read Previous

أرقام مذهلة تروج في الفيسبوك: أرباح “آراب أيدول” توازي ميزانية دولة

Read Next

نعيمة سميح تفتح قلبها لـ”أكورا”: أنا مطربة الشعب وهذه تفاصيل موضوع الكريمات..الرزق الذي أقتسمه مع الكثيرين