أحمد الشرعي يكتب: عندما يضعف الاستخفاف القوة الاستراتيجية للمغرب

بقلم: أحمد الشرعي

العالم يغلي، وخصوصا في منطقتنا. في سوريا، يتكرس الخيار العسكري كحل لكل المشاكل العالقة، من خلال الضربات الجوية، التي لا تغير كثيرا في الحقائق على الأرض. الروس يغضون الطرف عما يجري، ويحضرون مع نظام الأسد لمعركة إدلب المتوقع أن تكون أكثر دموية. لا حلول سياسية تلوح في الأفق، ومأساة الشعب السوري مستمرة، سواء بخطوط حمراء، أو من دونها. في منطقة جغرافية أخرى لا تبعد كثيرا عنا، غياب الاستقرار عن ليبيا يهدد بجدية تونس، ويعرقل كل جهود الانتقال في هذا البلد ذي الإمكانيات الواعدة.

البلوكاج السياسي في الجزائر خبر سيء للجميع، لأن جيراننا يشكلون باستمرار هدفا للنشاط الإرهابي المزمن. هناك يسمونه مشكلا محليا، في الوقت الذي تنتشر معاقله في كل أنحاء البلاد.

الحرب على الإرهاب والتطرف تأخذ أبعادا عالمية. كل الدول والمجتمعات، خصوصا الغربية، تعاني منها، وتفتح أمامها أبوابا مشرعة من التساؤلات حول جدوى الاندماج مع احترام الخصوصيات المتنوعة. السياسات الخارجية أصبحت تبنى على واقع هذه الحرب، في تجاوز للمصالح الآنية، 

والاقتصادية للدول، على الرغم من كون هذه الأخيرة غير غائبة في مفاوضات القوى الكبرى.

أمام هذا السديم من التحديات، يحافظ المغرب على توازنه بطريقة ذكية وفعالة، سرية إذا لزم الأمر، وجهورية إذا دعت الضرورة إلى ذلك. هذه المقاربة أصبحت ممكنة، لأن الملك محمد السادس ممثل الأمة، يمسك بمقاليد الأمور. الديبلوماسية المغربية لا تتساهل في قضية الصحراء، وحاضرة بقوة فيها، فيما تتعامل مع القضايا الإقليمية بالكثير من الحكمة.

انتصار الديبلوماسية المغربية في شرح أبعاد قضية الكركرات يكمن في نجاحها في الربط بين استفزازات البوليساريو وظواهر أكثر خطورة، كالإرهاب والاتجار في البشر والجريمة العابرة للحدود. ودور الملك محمد السادس في وضع الديبلوماسية المغربية في قلب القضايا الدولية، دون التنازل على المبادئ الأساسية، يبدو جليا حتى في فترة النقاهة التي يجتازها جلالته.

كلها مظاهر تجسد قوة المؤسسات المغربية مع المؤسسة الملكية التي تمثل الأمة في الخارج، وتسطر التحولات المجتمعية الكبرى في الداخل، فوق كل اعتبارات التنافس السياسي الضيق. وللأسف، لا يسير الفاعلون المحليون بالسرعة نفسها، والبعض بفعل منطق الاستخفاف، يتحرك ضد الرؤية المشتركة للمؤسسات المغربية.

نعرف جيدا أوجه الهشاشة التي تضعف المؤسسات المنتخبة. لكن هل نقبل أيضا استفراد حزب سياسي، مهما خلت نواياه من سوء، بالتمثيلية المطلقة في مؤسسة الباطرونا؟ بعض رجال الأعمال يظهرون جشعا لا يوصف للاستحواذ على قطاعات عمومية غير قابلة للبيع بالمطلق.

هذه العينة، غير المسيطرة والحمد لله نظرا لعددها القليل، والتي تتحرك داخل منطق الاستحواذ المطلق، تضعف القوة الاستراتيجية للمغرب ومؤسساته، الضامنة لاستقرارنا جميعا. سلوك خطير يتوجب وضع حد له في أقرب وقت.

عن موقع: أحداث أنفو

Read Previous

شركة “فيسبوك” تطلق برنامج مكافآت لرصد منتهكي بيانات المستخدمين

Read Next

“أنا مقاول”.. مزوار يدافع عن ترشحه لرئاسة “الباطرونا” خلفا لمريم بنصالح