العرش المغربي يجسد في عهد الملك محمد السادس تطلعات الشعب وطموحاته في التنمية والرقي والازدهار

قال السيد عبد الحق المريني، مؤرخ المملكة، الناطق الرسمي باسم القصر الملكي، إن العرش المغربي يجسد، اليوم، في عهد صاحب الجلالة الملك محمد السادس تطلعات الشعب، وطموحاته وآماله في التنمية والنماء والرقي والازدهار، وفي ربط الماضي الحافل بالحاضر المجيد، وفي الحفاظ على الوحدة الترابية والوطنية. وفي تقوية الروابط، وتمتين الأواصر بين كافة المواطنين.

وذكر السيد المريني، في حديث خص به وكالة المغرب العربي للأنباء، بمناسبة الذكرى التاسعة عشر لاعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس عرش أسلافه المنعمين، والتي ستحل يوم 30 من الشهر الجاري، أنه لما أشرقت شمس الحرية والاستقلال على المغرب بفضل جهاد العرش والشعب، أصبح العرش منذ عهد محمد الخامس رحمه الله، إلى عهد جلالة الملك محمد السادس، عماد الدولة المغربية، ورمز سيادتها وضمان وحدتها وقوتها، وقائد نهضتها ونموها.

وبخصوص الدلالات الرمزية الكبرى والمغازي العميقة التي يشكلها الاحتفال بعيد العرش، من حيث هو مناسبة لتجديد العهد بين العرش والشعب على الاستمرار في بناء المغرب وعزته وسؤدده، قال الأستاذ عبد الحق المريني إن هذا العيد يعد على رأس الاحتفالات الوطنية، التي طبعت تاريخ المغرب قديما وحديثا، وانتقل هذا العيد من عيد السلطان وعيد الجلوس، وعيد التذكار إلى عيد العرش.

وقد أحدث هذا العيد، يقول الأستاذ المريني، في بحر الثلاثينيات من القرن الماضي في صميم المعركة التي كانت قائمة بين الحق والباطل، وبين المقاومة من أجل حياة كريمة عزيزة، وبين الاستعمار البغيض. وأصبح هذا العيد، منذ ذلك التاريخ، رمزا لكفاح العرش والشعب من أجل الحصول على الحرية والاستقلال، ولبناء مجد المغرب وسؤدده.

وأبرز أن الاحتفالات بعيد العرش المجيد تساهم في توريث قيم التشبث بالمقدسات الوطنية وعلى رأسها نظام الملكية، وقائدها المتبوأ عرشها الذي يقودها نحو العزة والكرامة والنماء، ذلك أن العرش المغربي هو رمز الاستمرارية في أجل معانيها وأنبل مقاصدها. وقال، في هذا الصدد، إن جلالة الملك محمد السادس حرص على تعزيز مكانة المغرب بين دول العالم، يوطد أركان الدولة المغربية، ويفتح آفاقا جديدة للمغاربة للتمتع بكافة الحقوق المخولة لهم، ولمحو أسباب التخلف بكل أنواعه وأشكاله، والسير على نهج الرقي والتجديد ومسايرة تطور العصر ونهضته، وزرع بذور الأمل على أرض المغرب الخصبة المعطاءة.

من جهة أخرى بين الأستاذ المريني أن شعار “الشعب بالعرش والعرش بالشعب”، الذي ساهم في إذكاء جذوة النضال من أجل الحرية والانعتاق، كما سيظل اليوم حاضرا، ضمانا لمستقبل مزدهر تحت القيادة الحكيمة لجلالة الملك، أساسه البيعة التي تقتضي الترابط المتين الذي لا تشوبه شائبة، مبرزا أن البيعة هي عقد وعهد بين أفراد الأمة المغربية وولي أمرهم على مدى حقب دولهم، فهي ميثاق دستوري ببعديه الديني والسياسي، ورباط وثيق يجمع بين الشعب وسلطانه في السراء والضراء، عماده الإيمان بالله وحب الوطن والتمسك بالنظام الملكي، والدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة.

ومن الأدلة الحديثة على الالتحام بين العرش والشعب، يقول الأستاذ المريني، هناك تأكيد الدساتير المغربية منذ مطلع القرن العشرين على روح علاقة البيعة التاريخية بين الملك وشعبه الوفي، وخطاب طنجة التاريخي لسيدي محمد بن يوسف سنة 1947، الذي طالب فيه بحق المغرب في الحرية والكرامة، وخطاب العرش في الذكرى الفضية لعيد العرش سنة 1952، الذي طالب فيه محمد الخامس بوضع حد للحماية، وانطلاق ثورة الملك والشعب يوم 20 غشت سنة 1953.

وأضاف الأستاذ المريني أن من هذه الأدلة كذلك الوفاء بين جلالة المغفور له محمد الخامس ورجال الحركة الوطنية والمقاومة من 1930 إلى 1955، والذي مكن الشعب المغربي من تحقيق المعجزات والوصول إلى أهدافه المنشودة، وتنظيم المسيرة الخضراء المظفرة ملكا وشعبا لاسترجاع الصحراء المغربية سنة 1975، والتصويت بأغلبية ساحقة على دستور 2011، الذي يرسي أسس دولة الحق والقانون والعدالة الاجتماعية والمواطنة الكريمة، والوسطية الحقة بهذا البلد الأمين.

وعن المشاريع التنموية الكبرى التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، منذ اعتلائه العرش، قال الأستاذ عبد الحق المريني إن جلالة الملك حول المغرب إلى أوراش من البناء والتشييد والإصلاح في جميع المجالات المعمارية والفلاحية والاقتصادية والصناعية والثقافية والفنية. فالتنمية في تصور جلالته تشمل، بالإضافة إلى تنمية المواطن فكريا وأخلاقيا وتربويا وتعليميا تنمية المجتمع، وتنمية كل موارده الطبيعية ومؤهلاته الاقتصادية وكفاآته البشرية، مضيفا أن المغرب دخل في عهد جلالته بروح وثابة لتحقيق كل إصلاح سياسي واقتصادي واجتماعي وفكري.

وبخصوص طقوس وتقاليد الاحتفال بعيد العرش المجيد، ذكر السيد عبد الحق المريني بأن حفل الولاء التقليدي، الذي يقام كل سنة بهذه المناسبة، كان يقام تاريخيا في عيدي الفطر والأضحى، وقد جعله جلالة المغفور له الحسن الثاني، مرة واحدة في السنة عند حلول عيد العرش ابتداء من السبعينيات من القرن الماضي، يحضره ممثلو الجهات والأقاليم ونوابها ورجال السلطة ومسؤولوها عن كافة القطاعات وغيرهم من الوجهاء، وممثلو المجتمع المدني.

وكان وما يزال، يقول الأستاذ المريني، لهذا القرار الملكي مغزى عميق لأن عيد العرش ليس في الحقيقة إلا احتفال بذكرى يوم البيعة، يوم التشبث بالثوابت الوطنية التاريخية. وقد سار جلالة الملك محمد السادس على هذا الهدي، إذ يترأس جلالته يوم ثاني عيد العرش من كل سنة حفل الولاء في طقوسه التقليدية والتاريخية العريقة، التي تمتاز بطابعها الأصيل ورونقها الفريد لا تزيد في ظل الحداثة إلا بهاء ورونقا، فلكل المملكات في العالم طقوسها وعاداتها وأعرافها وتقاليدها واضحة للعيان، يحتفل بها مواطنوها في أجواء من الانشراح والابتهاج، إحياء للذاكرة الوطنية التي لا تبلى بمرور الأحقاب والأزمان.

Read Previous

بالصور من ليلة أمس الأربعاء: الحسيمة تتراقص ثقافة وفنا

Read Next

“معسكر بوعشرين” يصرف أموالا طائلة لتدويل قضيته لكن الارتباك بين أطرافه يبقى سيد الموقف