هكذا تحولت الدار البيضاء إلى مركز عالمي لصناعة الطيران

تسارعت خطوات المغرب إلى اقتحام صناعة الطيران في العالم، وأصبح خلال السنوات الأخيرة قبلة لأبرز الشركات العالمية في مجال الاستثمار في صناعة الطيران، بعد أن وفر أرضية صلبة لهذه الصناعة في ظروف تنافسية قوية.

شهد قطاع صناعة الطيران في المغرب نموا جامحا، خاصة منذ افتتاح منطقة “ميدبارك” الصناعية الحرة المتخصصة في صناعات الطيران والفضاء والأنشطة المرتبطة بها في غشت عام 2013 في منطقة النواصر قرب مدينة الدار البيضاء.

وخصصت السلطات المغربية مزايا استثمارية تشجيعية كبيرة إضافة الى البنية التحتية المتطورة في المنقطة القريبة من مطار محمد الخامس وميناء الدار البيضاء.

وتأتي خطط تطوير صناعة الطيران في إطار الميثاق الوطني للإقلاع الصناعي الذي تم إطلاقه في فبراير 2009 التي تسعى لخلق 200 ألف وظيفة من خلال استقطاب الشركات العالمية عبر عروض تنافسية جذابة للمستثمرين المغاربة والأجانب.

وقدمت الدولة للمستثمرين مجموعة من الحوافز الضريبية والتسهيلات لخفض تكلفة التصنيع والشحن وبرامج تدريب الكفاءات تغطي جميع المهارات في مجالات الإنتاج والخدمات، والصيانة والهندسة.

وأكدت دراسة لمؤسسة الأبحاث الأمريكية أطلانتيك كاونسيل، نشرت في شهر فبراير الجاري، أن بروز المغرب كقوة اقتصادية يشكل عاملا أساسيا في استراتيجية متكاملة لإرساء شراكات دائمة ومتضامنة مع البلدان الإفريقية.

وتشكل المحطة الصناعية المندمجة “ميدبارك”، التي تمتد على مساحة تصل إلى 1.25 مليون متر مربع، وبلغت تكلفة إنشائها نحو 93 مليون دولار، للمدن الصناعية، ويسعى المغرب من خلالها لتعزيز قاعدة صناعية للطيران.

تمتد الصناعات المنتشرة في المدينة من أجزاء الطائرات إلى الالكترونيات وصناعات الدفاع والخدمات اللوجيستية وعدد كبير من الأنشطة المرتبطة بصناعة الطيران وأنشطة أخرى مرتبطة بها.

واستقطبت صناعة الطيران المغربية بحسب احصائيات رسمية نحو 110 شركات متخصصة في صناعة الطيران، وهي توفر حاليا نحو 10 آلاف وظيفة.

وتمكنت مدينة ميدبارك خلال وقت قصير من استقطاب استثمارات كبيرة لإنشاء مصانعها في المغرب، وبينها شركات بوينغ وايرباص وبومباردييه وراتييه وفيكاس وسافران وداسول وأيربيس وزودياك وليزي وداهر و أل.أتش أفيسيون وطاليس وغيرها من الشركات.

وحقق القطاع الذي لم يكن يشغل سوى ألفي عامل في عام 2005، نموا كبيرا ليشمل صناعة أجزاء الطائرات ومختلف أعمال الصيانة والهندسة، وصولا الى صناعة الطائرات بالكامل.

وفي أبريل 2014 وقع المكتب الوطني للمطارات في المغرب اتفاقية مع شركة “أل.أتش أفيسيون المغرب” تسمح للشركة بإنشاء وحدة صناعية في مركز الطيران في مدينة الدار البيضاء لإنتاج طائرات من نوع “أل.أتش- 10 إيليبس.

وتنص الاتفاقية على انشاء وتهيئة واستغلال موقع صناعي على مساحة اجمالية تقدر بنحو 19 ألف متر مربع لإنتاج تلك الطائرات، حيث سيتم تركيب هذه الطائرة بواسطة أجزاء ستصنع في المغرب لا سيما في ما يتعلق بهيكل الطائرة. ويبلغ حجم الاستثمارات في هذا المرحلة الأولى من المشروع نحو 10 ملايين يورو. وستبلغ الطاقة الانتاجية نحو 80 طائرة سنويا، ترتفع على المدى القصير الى انتاج 200 طائرة سنويا.

وسيوفر المشروع أكثر من 300 فرصة عمل للمهندسين والتقنيين المغاربة في درجات عالية التخصص. وأكد وزير النقل محمد نجيب بوليف أن الاتفاقية تعتبر “مهمة جدا”، بالنظر الى كونها ستمكن ولأول مرة من تصنيع طائرة بشكل كامل في المغرب، وبمشاركة واسعة من المستثمرين المغاربة.

ويحتل المغرب المرتبة الرابعة عالميا في مجال تصنيع الأسلاك الكهربائية للطائرات وأنظمة تشغيلها٬ خلف الاتحاد الأوروبية والولايات المتحدة والمكسيك.

ومن المتوقع أن يوفر قطاع صناعة الطيران نحو 15 ألف منصب شغل بحلول عام 2016. وقد جرى مؤخرا توقيع اتفاقيتين مع شركة أيروليا ومجموعة ألكوا، لنقل جزء من أنشطتهما الصناعية إلى “ميدبارك

.

وأكد رئيس مجموعة أيروليا سيدريك غوتيي، إن المغرب هو البلد الأكثر جاذبية في منطقة شمال إفريقيا بالنسبة لشركات صناعة الطائرات وتجهيزات الطيران في العالم.

وقررت شركة بومباردييه ثالث مصنع للطائرات في العالم مؤخرا إنشاء أحد أكبر مصانعها في العالم بمنطقة النواصر جنوب الدار البيضاء.

واعتبر مهتمون بصناعة الطائرات أن استثمار بومباردييه في السوق المغربية، انتصارا كبيرا للوكالة المغربية لتنمية الاستثمارالمسؤولة عن جذب الاستثمارات الأجنبية إلى المغرب، وأحد المفاوضين الرئيسيين للاتفاق.

وبلغت استثمارات شركة بومباردييه المغرب إلى ما يقارب 200 مليون دولار، وستخلق ما يناهز 850 منصب شغل مباشر وحوالي 4 آلاف وظيفة أخرى بصفة غير مباشرة.

وتشير الأرقام الرسمية لسنة 2014 إلى نمو صناعة الطيران المغربية بنسبة 25 بالمئة، ومن المتوقع أن تصل مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي في المغرب إلى نحو 5.25 مليار دولار، وأن يصل حجم صادرات أجزاء الطائرات لتصل إلى نحو 10 مليارات دولار.

وتبذل الحكومة المغربية جهودا كبيرة لتلبية الطلب المتزايد على الموارد المتخصصة وخدمات المستثمرين في قطاع صناعة الطيران، وخاصة في مجال تدريب العاملين.

وقد أنشأت معهد مهن الطيران في مايو 2013 الذي أشرف على تدشينه العاهل المغربي الملك محد السادس، كقاعدة نظرية وتطبيقية جديدة لتنمية قطاع الطيران في المغرب.

ويسعى المعهد للاهتمام بعنصر تكوين الموارد البشرية وتوفير المتخصصين في التصنيع والعمل على الآلات ذات التحكم الرقمي ومحركات الطائرات، والمواد المركبة لمعدات الطائرات والصباغة، وملاءمة وتركيب خلايا الطائرات، ولحام الطيران ومعالجة الأسطح.

Read Previous

جنايات سلا تصدر أحكاما بالسجن ما بين 3 و 10 سنوات في حق 18 متهما بالإرهاب

Read Next

توقيع كتاب “البلاغة والإيديولوجيا” للباحث المتميز مصطفى الغرافي بالدار البيضاء.