قضية أنوزلا تدخل منعطفا جديدا بعد انسحاب “محامو القضايا الخاسرة”

“نحن هيئة الدفاع الموقعين على هذا البلاغ نعلن أنه بسبب التطورات الأخيرة التي أثيرت إعلاميا وفي إطار المحافظة على الانسجام في الدفاع وتجنبا لكل التأويلات المغرضة، إرتأينا بعد إلتحاق أحد المحامين بالقضية خارج قواعد المحاماة وتقاليدها وأعرافها الإنسحاب من القضية وسحب نيابتنا من الملف”.

 

إنه نص البيان الصادر عن المحامين الكبار الذين تطوعوا للدفاع عن علي أنوزلا. بيان مقتضب يتحدث عن التطورات الأخيرة التي أثيرت إعلاميا ويتحدث عن انسجام الدفاع، وأخيرا عن التأويلات المغرضة كمبررات لسحب نيابتهم في ملف علي أنوزلا.

 

فما هي التطورات الأخيرة التي أثيرت إعلاميا وجعلت كبار المحامين ينفضون أيديهم من قضية مربوحة سلفا، أظن أنهم يتحدثون عن بيان أنوزلا الذي تشبث فيه بانتمائه لوطنه المغرب أولا، وبإدانته للإرهاب ثانيا وبتشبثه ببراءته، ثالثا وبحقه في المحاكمة كصحفي بعيدا عن قانون الإرهاب، رابعا وخامسا بقرار تعليق موقع “لكم”.

 

أكيد أن من بين النقط التي أعلنها علي في بيانه المفاجئ ما أثار حفيظة المحامين الكبار الذين يربحون بشكل آلي وبسهولة كبيرة كل القضايا التي يترافعون من أجلها. لا أظن أن تشبث علي بمغربيته وببراءته وبإدانته للإرهاب يمكن أن تكون باعثا حقيقيا لسحب نيابتهم عنه، وتبقى أهم نقطة في البيان هي الإقفال المؤقت لموقع “لكم”، وهو قرار ربما لم يستشر فيه مع أحد، ربما كان بود المحامين الكبار أن يستشير معهم في قرار من هذا النوع، لأن قرار الإقفال له علاقة بالمبرر الثاني الذي ساقه بيان المحامين الكبار المتعلق بالمحافظة على الإنسجام في الدفاع، وهو أهم مبرر لتخلي محامي متطوع عن موكله.

 

بيان الدفاع لم يصدر أيام العيد أو السبت أو الأحد، بل صدر أواخر يوم الإثنين بعدما زار أعضاء هيئة الدفاع موكلهم في السجن وأخدوا منه الحقيقة التي بدت صادمة لهم.

 

لقد اختار أنوزلا أن يكون فاعلا في استراتيجية الدفاع عن نفسه، فهو صحفي وله مسؤولية ناشر، لكن دفاعه وكل “وجهاء الكامون” لا يريدونه كصحفي يريدونه معارضا، هو يريد أن يتعامل مع ما هو موجود من الملف المحال على قاضي التحقيق، وهم يريدون منه أن يقدم نفسه قربانا لآلهة الكامون، وأن يتحول إلى رقم يتم النفخ فيه إلى أن يتم سحقه. يريدونه أن يذوب مع الذين ذابوا من قبل وأن يحضر “ملف الكامون” ويغيب ملف أنوزلا.

 

لقد اختار علي، فالقضية قضيته فهو المعني الأول والأخير بها، ولا اختيار فوق اختياره. فلا يمكن لأي كان أن يختار مكان علي الطريقة التي عليه أن يدافع بها عن نفسه. اختار أن يدافع عن نفسه بعيدا عن حسابات “تجار الكامون” و”القضايا الخاسرة”. اختار أن يدافع عن نفسه بعيدا عن المسكنات التي لا تفيد. اختار أن يدافع عن نفسه بعيدا عن الإستغلال السياسوي لقضيته، وبعيدا عن “أجندة الكامون”.

 

لقد اختار ألا يضع رأسه في ميزان صراع لا يعنيه. تشبث بمحامييه لكن على أساس استراتيجيته في الدفاع عن نفسه، لكن محاموه رفضوا أن يستمروافي الدفاع عنه خارج منطق القضايا الخاسرة.

 

لقد كان من المفروض بالنسبة لهم أن يكون للمحاكمة طعم خاص يربح فيه الجميع ويخسر علي، منطق الدفوعات الشكلية الفارغة: “لقد تم ايقاف علي من طرف فرقة مكونة من 18 عنصرا وتم إيقافه على الساعة الثامنة إلا ربع والمحضر يتحدث عن الثامنة إلا عشر. لقد تم إيقافه وهو في لباس النوم، ولم تترك له الفرصة لكي يلبس ثيابه التي يريد. لقد تم حجز حاسوبه، لقد تم الاستماع إليه ساعات طوال، لقد طلب دفاعه رؤيته ولم يتم الإستجابة الفورية لهذا الطلب إلا بعد ساعات، لقد، لقد، لقد….”. وبعد ذلك يطلب المحامون الكبار الذين يربحون بشكل آلي كل القضايا أن يتم استدعاء وزير العدل ووزير الداخلية ووزير الحرب ووزير الأوقاف ووزير الإعلام، وربما رئيس الحكومة والمندوب الأممي لحقوق الإنسان والسيدة بنت بَّاها والسيد ولد بَّاه، وربما رسالة صوتية من عبد المالك دروكدال، حتى يبين أن دعوته هي دعوة جهاد وليست دعوة إرهاب، وأنه يسعى فقط إلى إقامة شرع الله في الأرض، وأن لا علاقة له بتفجيرات أرڭانة. وأن المختار بلمختار المعروف بـ”لعور” المنشق هو الذي غفله ونفذ أرڭانة بدون علمه وأن كتيبة الملثمين تابعة للقاعدة وغير تابعة له.

وبعدها تجتمع المحكمة التي تقرر أن لا علاقة للأطراف المطلوب استدعاؤها بالقضية المعروضة أمامها وتؤجل البت في الدفوعات الشكلية إلى حين البت في الجوهر.

 

وحين البت في الجوهر تبدأ المرافعات في شكل خطابات تأبينية للمرحوم، وحين يصدر الحكم بالإدانة يخرج المحامون بيانا ويعقدون ندوة صحفية يتحدثون عن عدم استقلالية القضاء، وعن تدخل السلطة التنفيذية، وأن القاضي تلقى قبل اختلاء هيئة الحكم أمرا بإصدار حكم بالإدانة، رغم أن هيئة الدفاع وضعت القضية في سياقها الحقيقي باعتبارها قضية سياسية، وأن الضنين حوكم من أجل مواقفه السياسية الجريئة وانتقاده للأوضاع ولنسق الدستور وللحاكمين والنظام والدولة الغواصة التي تحكم من أعماق المحيطات. وفضح كل الضفادع البحرية التي تتناوب على مغادرة غواصة الدولة العميقة. وتكون صور هيئة الدفاع قد نالت نصيبها على صفحات الجرائد وتكون أسماء أعضاء الهيئة قد برزت بشكل كافي وتعود الهيئة إلى مكاتبها بعد أن نالت حظها من الماركوتينغ النضالي، فهي لا يهمها أن تربح القضية بعيدا عن الماركوتينغ. لا يهمها أن ينال موكلها حقه في محاكمة عادلة. يهمها أن تسوق نفسها وهو تسويق لا يستقيم إلا مع خسارة القضية، لهذا استحق محامونا الكبار لقب “محامو قضايا الإستراتيجيات الخاسرة”.

وأول شيء خسره المحامون في المعركة هو موقع “لكم”، لقد كان مؤلما لهم ولوجهاء الكامون أن يخرج الموقع من المعركة، فلا بد للموقع أن يبقى رهينة في هذه المرحلة لدى بعض الذين يمارسون حمقهم في قضايا تعني أنوزلا بالدرجة الأولى ولا تعنيهم، لكنهم يريدون ممارسة حمقهم رغم أنف صاحب الموقع الذي بقدرة قادر لم يعد صاحب الموقع، وأنه ربما كان متعلم عند أصحاب الموقع الحقيقيين الذين لا يعرفهم الرأي العام، ولا ضرر أن يزوروا تاريخ الموقع، وأن يبدأ تاريخ الميلاد الحقيقي لرابع موقع إخباري في المغرب في دجنبر 2012 يوم صدور النسخة الفرنسية منه التي لا يدخلها أحد، ولا زالت بعد عام من الصدور غير قابلة للترتيب في دائرة المنابر الإعلامية الوطنية. لا زالت خارج الترتيب نظرا لضعفها. ودوليا لا زالت مصنفة في الدرجة ما فوق سبعة ملايين.

 

إنها سر حرب الموقع والتجاسر على علي وعلى أهليته في اتخاذ قراره بالتوقيف إلى حين عودته إلى مكانه الطبيعي، حتى يتحمل مسؤوليته فيما ينشر بإسمه، علي في السجن وبوبكر ساكن في الموقع فهو الذي يتحرك يحاضر ويسافر ويصرح  ويلتقي، إلى الحد الذي تحول فيه الموقع إلى وكالة دعاية لبعض “وجهاء الكامون”، كأنهم هم الذين يقبعون وراء الأسوار. إنها حرب الكامون وهي حرب لا تعني علي الصحفي. فليمارسوا حمقهم خارج خيمة علي وليتجند كل الشرفاء من الصحفيين وغير الصحفيين الذين يريدون علي حرا طليقا من أجل مؤازرته خارج استراتيجية الكامون، حتى يعود إلى أهله معززا مكرما ويعود إلى موقعه وفيا لنفسه وليس لغيره من الذين يريدون أن تتحول قضيته إلى أصل تجاري يحتكرونه لأنفسهم لأسباب لا تريد جيوبهم أن تفصح عنها.

Read Previous

عاجل: الدفاع يطلب السراح المؤقت لـ”أنوزلا” وقاضي التحقيق يبت في الطلب قريبا

Read Next

مسؤوليات المجتمع المدني و الإعلام في ما آلت إليه الدار البيضاء