الشعب مصدر الشرعية وفوق الدستور

طبيعة تفكير فصائل الاسلام السياسي واحدة فهي تعتبر الديمقراطية كفرا ومخالفة لاحكام الكتاب والسنة لكنها لاترى مشكلة في استخدامها لمرة واحدة من اجل الوصول الى الحكم  ومن خلال السلطة تقوم بالسيطرة على مؤسسات الدولة وتحويلها  الى اقطاعيات وملكيات خاص بهم وباحزابهم وبالتالي يمكن اجراء انتخابات صورية كما كان يحدث في عهد حكم الانظمة التوليتارية السابقة . الاخوان المسلمون في مصر وباعتبارهم عراب الاسلام السياسي في منطقتنا والعالم يتذرعون ومنذ بدأ الاحتجاجات المليونية للشعب المصري ومطالبته برحيل مرسي  ، بان الشرعية مع الرئيس مرسي لان صناديق الانتخابات هي من اوصلته الى القصر الرئاسي وليس الدبابات كما كان يحدث سابقا ، الغريب ان قوى الاسلام السياسي ترى في الانتخابات وكأنها “مبايعة للخليفة ” مدى الحياة وليس تفويضا مشروطا بتحقيق برنامج سياسي وتنفيذ مطالب الناس . قوى الاسلام السياسي بجميع الوانها ومذاهبها ومرجعياتها الفقيه من ايران مرورا بالعراق الى تونس ومصر  اثبتت التجارب انها لاتجيد الا الكذب وخداع الناس بالتلاعب باحكام ومصطلحات الدين وتخديرهم بالخرافات ، وهذا ما انطلى على الناس لفترة وجيزة ، لكن  الشعوب اكتشفت انهم ليس الا مجموعة من اللصوص والقتلة تستخدم الدين جسرا وغطاءا لتحقيق مآربها وغايتها في نهب الاوطان وتدمير مؤسسات الدولة للسيطرة على الشعب واركاعه وجعله ليس الا رعاية للمرشد او الولي الفقيه وانتاج دكتاتوريات اشد قسوة من الدكتاتوريات السابقة ، لذلك بدأ الحراك والتظاهر ضد الاسلام السياسي من ايران في ثورتها الخضراء ، هل يتذكر احد ثورة ايران السلمية في عام 2009 ، وكيف تم قمعها ؟ ، ومن طهران يجب التأريخ للربيع في المنطقة ومن ثم مر في العراق بالانتفاضة و “ثورة الغضب ” عام 2011  لكن  كما تم قمع الثورة الايرانية  بالحديد والنار تم قمعها بذات الاساليب الوحشية في العراق . في مصر  مهد الاسلام السياسي ومكان انطلاقته الى المنطقة والعالم ، بدأت  ثورة مليونية ليس من اجل اسقاط الرئيس فقط  وانما من اجل اسقاط نظام الاخوان المسلمين الذي يحكم ومعه جميع فصائل الاسلام السياسي ، وعلى عادة الاخوان في التلاعب بالالفاظ والتلون عادوا الى طريقته السابقة في محاولة كسب تعاطف الشارع المصري معهم بذريعة الشرعية الدستورية تارة وبمحاولة تخويف الناس من عناصر نظام مبارك السابق تارة اخرى ،تماما كما تفعل دائما فصائل الاسلام السياسي في العراق منذ عشر سنين ، لكن الذي يحاول ان يتغاظى عنه الاخوان المسلمون عن عمد او جهل  هو ان الشرعية مع الشعب لان مبدأ الديمقراطية هو ان الشعب مصدر السلطات وهو فوق الدستور ، الديمقراطية تبدأ بعد الانتخابات وليس باجرائها والفوز في الانتخابات ليس تفويضا مفتوحا حتى يتمسك من يفوز بمدته بل من حق الشعب محاسبته وعزله اذا رأى انه لم يحقق مطالبه ولم يلبي طموحاتي ، مرسي مثل جميع الاسلاميين في المنطقة الذين فازوا في الانتخابات ونكثوا بعهودهم وحنثوا باليمين الذي اقسموه ، وحاول تغيير نمط حياة الناس واخونة مؤسسات الدولة بدلا من ان يلتفت الى الوضع الاقتصادي المتردي الذي اثقل كاهل المواطن المصري ، وايضا ناسيا او متناسيا ان المصريين اسقطوا نظام مبارك ليحصلوا على حياة افضل ووظائف اكثر تنهي جيوش العاطلين التي لم تجد مكانا لها سوى على المقاهي ، وايضا من اجل حرية وكرامة وطنية لا ان يأتيهم رئيس ونظام يتجاوز دكتاتورية مبارك ليدخل هذه المرة في موارد لم يدخلها النظام السابق من قبيل الحريات الخاصة وغيرها ، نسي مرسي وحزبه “الاخوان المسلمون ” ان شعار الثورة المصرية في 25 يناير هو “خبز ..حرية .. كرامة وطنية “، مثلما نسوا ان الشعب منح تفويضا مشروطا لمرسي بان فترة رئاسته هي للحفاظ على الثورة وتنفيذ مطالبها  . مرسي أخطأ عندما تصور ان عليه ان يصغي للمرشد وقيادة الاخوان وليس للشعب وهو وحزبه من يتحمل النتائج الان لان مهما فعل ليس مرجحا انه يتمكن من اعادة المصريين الى بيوتهم قبل رحيله لتكتب مصر نهاية الاسلام السياسي كما اعلنت ولادته  قبل اكثر من 80 عاما .

Read Previous

شهادة السكنى ب 100 درهم في تارودانت

Read Next

تبديد أموال الأطفال المعقين ذهنيا: رئيس الجمعية في حالة هستيريا داخل المحكمة